الجمعة، 3 أكتوبر 2014

الحكمة من شعائر الحج كما وصفها الدكتور مصطفى محمود


سألني صديقي و هو رجل كثير الشك :
و ما السر في ثياب الاحرام البيضاء و ضرورة لبسها علي اللحم و تحريم لبس المخيط .. و ما معني رجم ابليس و الطواف حول الكعبة .. ألا تري معي أنها وثنية ؟؟
قلت له : أنت لا تكتفي بأن تحب حبيبك حباً عذرياً أفلاطونياً .. و إنما تريد أن تعبر عن حبك بالفعل .. بالقبلة و العناق و اللقاء .. هل أنت وثني ؟؟؟
و بالمثل من يسعي إلى الله بعقله و قلبه .. يقول له الله : إن هذا لا يكفي .. لابد أن تسعي علي قدميك .
و الحج و الطواف رمز للسعي الذي يكتمل فيه الحب شعوراً و قولاً و فعلاً
و هنا معني التوحيد 
أن تتوحد جسداً و روحاً بأفعالك و كلماتك 
و لهذا نركع و نسجد في الصلاة و لا نكتفي بخشوع القلب ..

فهذه الوحدة بين القلب والجسد يتجلي فيها الإيمان بأصدق مما يتجلي في رجل يكتفي بالتأمل
أما ثياب الاحرام البيضاء فهي رمز الوحدة الكبرى التي تذوب فيها الأجناس و يتساوي الفقير و الغني .. و نحن نلبسها علي اللحم .. كما حدث حينما نزلنا إلى العالم في لحظة الميلاد و كما سوف يحدث حينما نغادره بالموت .. جئنا ملفوفين في لفافة بيضاء علي اللحم .. و نخرج من الدنيا بذات اللفة
هي رمز التجرد .. لأن لحظة لقاء الله تحتاج اإلى التجرد كل التجرد ..
و لهذا قال الله لموسى : "اخلع نعليك إنك بالوادي المقدس طوى "
هو التجرد المناسب لجلال الموقف ..
و هذا هو الفرق بين لقاء رئيس الجمهورية و لقاء الخالق ..
فنحن نرتدي لباس التشريفة لنقابل رئيس الجمهورية .. أما أمام الله فنحن لا شيء .. لا نكاد نساوي شيئاً
و علينا أن نخلع كل ثياب الغرور و كل الزينة ..
~~
كتاب / الطريق إلى الكعبة .





0 التعليقات:

إرسال تعليق